بتاريخ
17
ديسمبر 2007
غـرفـة طــوارئ لمعـالجـة تحقيقــات "المسلمون"
هـل تتـم أول عمليــة نقــل خصــية فى جــدة ؟!
7 سنوات وأنا صابر حتى قرأت "المسلمون"
فتوى اللحيدان وسابق شجعتنى وفى إنتظار المزيد
** أنا فى "ورطة" !
** أعترف أمامكم أننى قمت بتحضير "عفريت" وأننى عاجز عن صرفه .
** العفريت المقصود هو التحقيق الذى نشرته "المسلمون" فى العدد الماضى عن عمليات تمت فى الخارج وخشيت أن تتم فى بلادنا ..
** ذهبت إلى الأطباء أسألهم وإلى الفقهاء أستفتيهم . قال الأطباء العملية سهلة ، وقال الفقهاء انها جائزة ، أكتملت عناصر التحقيق وتم نشره ..
** تصورت أن مهمتى قد إنتهت بفتح باب الاجتهاد فى مسألة غريبة أطلق عليها الشيخ / سيد سابق "الأغلوطات".
** تحولت "الأغلوطات" إلى حقائق وفوجئت بأغرب مكالمة سمعتها فى حياتى .
* * * * * * * * * * * * * *
- أنا .. أ . س . م . هل يمكن أن تقابلنى الآن ؟!
- لماذا ؟!
- بخصوص التحقيق الذى نشرتموه عن نقل الخصية .
- ماله ؟!
- هل صحيح أن العلماء قالوا ما نشرتموه ؟!
- نعم .. فهل من المعقول أن ننشر شيئاً على لسان العلماء دون أن يقولوه ؟
- متأكد ؟!
- طبعاً .
- سأتجه الآن إلى المستشفى لمقابلة الدكتور/ صبحى هويدى الذى قال ان العملية سهلة .
- لماذا ؟!
- لأننى أريد أن أخوض التجربة !
* * * * * * * * * * * * *
** تصورت أنها دعابة من أحد الزملاء . تركت مكتبى ومررت عليهم جميعاً لأقرأ فى أعينهم ما إذا كان أحدهم فعلها أم لا .. وجدتهم جميعاً يعملون !
** عدت إلى مكتبى فى صمت ، وحتى أستطيع إستئناف عملى أوهمت نفسى أنها مكالمة من قارئ يريد التسلية .
** لم أكد أمسك قلمى حتى دق جرس الهاتف !
- من المتحدث ؟!
- أنا الدكتور/ صبحى هويدى .. تعالى بسرعة !
** إستعرت سيارة رئيس التحرير وشيئاً آخر من مدير التحرير أخفيته فى جيبى ومضيت ..
* * * * * * * * * * * * * *
** الأحد 25/12/1988 الساعة تقترب من الخامسة مساء . فى المسافة من مبنى الجريدة إلى مبنى المستشفى كان شعورى الداخلى هو الفرحة بنجاح التحقيق .. كلما اقتربت من المستشفى بدأ هذا الشعور يتلاشى شيئاً فشيئاً ، وعلى باب المستشفى قررت الرجوع والعودة !
** كيف التقى وجها لوجه بأخ مسلم فى مثل هذه الظروف القاسية ؟ هب أنه أخى ؟ ولماذا أذهب بعيدا هب أن ذلك حدث معى ؟ هل هكذا ببساطة تتحول أسرار الناس ومشاكلهم وأمراضهم إلى محل بحث وتحقيق بدعوى أنها الصحافة ؟!
** يا لها من سخافة .. ألا يكفى إتهامات أقرب الناس إلىّ بأننى أسعى إلى الإثارة ولو على حساب الناس .. عشرات الأسئلة الخاصة بتأنيب الضمير تحولت إلى إشارات مرور حمراء أمامى ، وقبل أن أدير ظهرى للمستشفى نظرت فى نسخة "المسلمون" التى معى وفى صدر صفحتها الأولى صورة الشيخ / سيد سابق وصورة الشيخ / صالح اللحيدان .. ودخلت المستشفى .
** داخل غرفة الفحص الخاصة بالدكتور/ صبحى هويدى استشارى الجراحة المجهرية بمستشفى الدكتور/ سليمان فقيه .. التقيت به ، مدَّ يده للسلام ومددتها على استحياء وجلست !
** هربت منى كل الأسئلة .. كل علامات وحيل وأساليب الصحفى الجيد اختفت تماماً .. تحولت إلى مريض ! نعم شعرت بدوار فى رأسى وتثاقل فى جسدى .
** كانت المسافة بين الكرسى الذى أجلس عليه والكرسى الخاص به أقل من 30 سنتيمتراً .. لا أدرى إذا كان ينظر فى وجهى أم لا ، وإذا كان وجهه قد إحمرّ أو اصفر ، ولا أدرى إذا كانت علامات الخجل أو الدهشة أو الندم قد ارتسمت على وجهه أم لا .. كل ما أدريه أننى قلت "شاى" .
** وحين سألتنى الممرضة عن عدد ملاعق السكر قلت 10 ، ضحكت الممرضة وضحك الطبيب ، وحين ضحك هو تماسكت قليلاً ، واستعدت توازنى غير أننى ألتزمت الصمت .
** كان من الطبيعى أن أبدأ الحديث .. ترى بماذا أبدأ . لا أدرى .. كنت كمن نسى كل شئ حتى وظيفته ومهمته التى جاء من أجلها رغم أننى تفاهمت مع رئيس التحرير من هاتف "المصعد" الخاص بالجريدة على كل شئ !
** كان " أ " مستعداً لأى حديث وأية أسئلة .. لقد طلبنى وحدثنى وطلب منى أن ألتقى به .. لا مجال للحرج او لتأنيب الضمير ومع ذلك فشلت .. أنا لا أكتب مذكراتى الخاصة فى هذا اليوم ، لكننى اسجل ويشهد الله على ما أقول شهادتى فى مسألة طبية وفقهية تطلب حلاً عاجلاً.
** أدرك الطبيب أننى متلعثم أو لعله ظن أننى صحفى بحكم الوظيفة فقط فتولى عبء البداية . كانت أطراف الحوار ثلاثة الطبيب " ص " وأنا " ش " والمريض " أ " .
- الطبيب : فى الحقيقة الموضوع بالنسبة للأخ " أ " يتوقف على الناحية الفقهية قبل كل شئ .. لقد جاء ومعه مشكلة ساهم المجتمع فى وجودها .
- شريف : ما ذنب المجتمع ؟
- الطبيب : مشكلة " أ " أنه ولد بخصية معلقة وكان من المفترض أن يلاحظ والده هذا الوضع .
- أ : رحمه الله .
- شريف : هل يمكن ملاحظة ذلك بمجرد النظر .
- الطبيب : أنظر معى إلى الأشعة .. ستلاحظ أن الخصية لا توجد فى الكيس الخاص بها ، يعنى لا توجد فى المكان الذى خصصه الله لها لكى تنمو وتكبر وبقيت فى هذا الوضع حتى جاء سن البلوغ فلم تنمو ولم تعمل خلاياها .. أى أنه يمكن القول بأنها أصبحت بلا فائدة .. وليت الأمر يقتصر على ذلك أنها معرضة بوضعها الحالى للإصابة بورم سرطانى حيث أن نسبة حدوث الأورام السرطانية فى الخصية الطبيعية 1% .. ولكن نسبة حدوثها فى الخصية المعلقة 35% .. وهكذا فأنا للأسف مضطر لإستئصالها قبل أن نبدأ التفكير فى أى شئ آخر .
- شريف : الأخ " أ " أنا بصراحة لا أدرى كيف أبدأ !
- أ : شوف يا أخ شريف أنا مسلم أمرى لله وبقيت على هذا الحال ولم أكن أفكر فى شئ إلى أن قرأت ما ورد فى العدد الماضى من "المسلمون" وبالمناسبة فأنا من القراء الدائمين لها .
- شريف : الحمد لله ، لكن يا أخ " أ " لماذا تأخرت فى السؤال عن هذه المشكلة ؟!
- أ : فى الحقيقة لقد تأخرت لأننى لم أكن أعرف بهذا التقدم الطبى الهائل . ومن ناحية ثانية وكما ذكرت لك كان وما زال أملى بالله كبيراً . والله الذى خلق هذه الأعضاء كلها قادر على أن يشفيها ..
- شريف : ونعم بالله ، لكن الأخذ بالأسباب واجب شرعى ..
- أ : نعم .. لكننى كنت أعيش على أمل أن تنزل فى مكانها الطبيعى .
- شريف : ألم تلاحظ أى تغيير ؟
- أ : لا .. لم ألاحظ .
- شريف : أقصد ألم تكن هناك أية مشكلة خاصة وأنت تتزوج منذ سبع سنوات ؟
- أ : لا .
- الطبيب : شوف يا أخ شريف صحيح أن الخصية شامرة وتكاد لا ترى لكن بقية الأعضاء موجودة .. وصحيح أن الخصية فقدت وظيفتها فى إفراز المنى لكنه لا يشعر !
- شريف : كيف لا يشعر ؟!
- الطبيب : لأنه يمارس كل شئ ويمر بكافة التغيرات . أما الإفراز فهو عبارة عن هرمونات خالية من الحيوانات المنوية .
- شريف : إذن " أ " له العذر ، ومن الممكن أن يمر أحدنا بنفس هذه المشكلة .
- الطبيب : كمية السائل الذى يأتى من الخصية 10% فقط والـ 90% الأخرى آتية من البوتستاتا وكلها هرمونات .
- شريف : ألم تذهب يا أخ " أ " إلى أطباء قبل الآن ؟
- أ : أبداً والله .
- شريف : لماذا ؟
- أ : أنا رجل مسلم أملى فى الله كبير .
- شريف : لأجل ذلك سيكرمك الله .
- أ : عندما ولدت لم يشعر أبى ولم تشعر والدتى بأى تغير وهما معذوران لأنهما كانا أميين .. أنا نفسى لم أكن أشعر بأى تغير .. وعندما تزوجت وتأخر الحمل قالوا لابد من عمل تحاليل ..
وبدأت زوجتى حيث ذهبت إلى طبيبة هندية فى الكيلو 3 وبعد أن أجرت الفحص قالت لها : خللى جوزك يحلل .
- شريف : وماذا حدث ؟!
- أ : ذهبت لنفس الطبيبة فقالت لى عندك ضعف فى الحيوانات المنوية وكتبت فى إبر أخذتها لمدة شهر لكن "مفيش" نتيجة .
- شريف : إنقطعت بعد ذلك عن الذهاب للأطباء ؟!
- أ : لا .. رحت لدكتور اسمه أبو راس . أخذ عينة من المنى وقال لى : عندك ذبول فى الخصية . وقال لى لابد أن تمر علىّ " بكره " .
كان يوم الخميس وكان بكره الجمعه وكالعادة صليت فىالمسجد المجاور لمنزلى واشتريت "المسلمون" قرأت الصفحة الأولى ولأول مرة فى حياتى أجد جريدة تتكلم عن مشكلة خاصة بى ! بمجرد أن قرأت العنوان ولمحت صورة الشيخ / سابق والشيخ / اللحيدان قلت : الحمد لله .. أخذت الجريدة وقرأت التحقيق بالكلمة وعرفت أن الدكتور/ صبحى هويدى له رأى فى هذا الموضوع يحمل الناحيتين الأولى طبية والثانية فقهية وهذا ما شجعنى على مقابلته .
اتصلت بكم وبه ، قبل أن تأتى إلى هنا كشف الدكتور / صبحى وأدى الواجب وقال إن شاء الله فيه أمل والأمل بيد الله .
- شريف : الزوجة طوال السنوات كانت صابرة وراضية .
- أ : المعاشرة شئ طبيعى جداً ومفيش أى مشكلة .
- شريف : أقصد صابرة بالنسبة لمسألة الإنجاب .
- الحمد لله صابرة وراضية بما يكتبه الله لنا .
- شريف : هى من عائلتك .
- أ : نعم الحمد لله .
- شريف : ما الذى دفعك بالتحديد لأن تخوض التجربة .
- أ : دفعنى رأى الشيخ / سيد سابق ورأى الدكتور / صبحى .. الشيخ يقول جائز والدكتور يقول سهلة ..
- شريف : ألا تشعر بأى شبهة فى الموضوع .
- أ : بصراحة يا أخ شريف كل ما أزعجنى هو قول الدكتور/ صبحى أنه يشم فيها رائحة الحرام .
- شريف : لماذا أتيت إليه إذن ؟
- أ : لأنه طالب برأى الفقه أولاً وأخيراً ، وجاء رد الشيخ / سيد سابق واضحاً .
- الطبيب : أنا بالفعل يا اخوانى لا أفتى ، فالفتوى لها أهلها والطب له أهله .
- أ : والله يا أستاذ/ شريف أنا كنت فى دوامة لكن الحمد لله فقدرة الله فوق كل شئ .
- شريف : فى أى شئ تفكر الآن ؟
- أ : أفكر فى قدرة الله وحكمته ، لقد سمعت مريضاً يطلب من الدكتور/ صبحى أن يجرى له عملية يضمن بها عدم الإنجاب لأنه أنجب 11 ولداً وبنتاً !
- شريف : سبحانه وتعالى .. أنا سعيد للغاية بمقابلتك .
- أ : لى طلب واحد عندك وهو ألا تنشر أسمى أو صورتى .
- شريف : موافق ولعلك تعلم يا أخى انه ليس من مهامنا التعرض لأسرار وآلام الناس ، وليس من وظيفتنا أن نشعرهم بالحرج والخجل !
- أ : أنا لست خجلاناً الحمد لله رب العالمين ، دا فيه ناس مصيبتها أكبر وربنا بالتأكيد له حكمة فى ذلك وله حكمة أن تكتب الموضوع وأنا أقرأه ، ثم أذهب إلى الطبيب الذى تحدثت عنه .. إنها خطوات محسوبة بحساب المولى جل وعلا.
- شريف : ألم يكن عندك أية فكرة عن هذه الأشياء قبل أن تقرأ "المسلمون".
- أ : كان عندى فكرة عن كل شئ إلا مسألة نقل الخصية هذه .
- شريف : هل تسمح لى بنشر هذا الحوار كما جاء .
- أ : أسمح لك طبعاً وربنا يكرمك ..
رائد طب أطفال الأنابيب :
انتظروا جلسة المجمع الفقهى
** توالت ردود الفعل .. تلقت "المسملون" رسائل عاجلة بالفاكسيملى وبالبريد . جاء أول رد فعل على لسان الدكتور/ سمير محمد على عباس مدير عام مستشفى السلامة بجدة ورائد طب أطفال الأنابيب والذى أبرق بالفاكسميلى رسالة توضح خطورة الموضوع وضرورة الحذر والتمهل وإنتظار الجلسة القادمة للمجمع الفقهى والتى ستعقد خلال الشهرين القادمين .. جاء فى الرسالة :
** أن حرصى على رصانة المواضيع التى تبحث على صفحات جريدة كل مسلم والتى نتابعها جميعاً بفخر تجعلنى أغير عليها أن يكون عمادها إثارة المسلمين بهذاالشكل . أن الموضوع الذى بحث من قبل اثنين من رجال الدين أعتز بهما وبرأيهما وأنا أتحدث عن الشيخ / سيد سابق والشيخ / صالح اللحيدان ، إلا أن هذا الموضوع يحتاج إلى آراء أكثر من شيخ وفقيه ، كذلك الأمر فى الناحية الطبية .
** أضاف : أن موضوع نقل الخصية جراحياً من شخص لآخر موضوع دقيق وشائك للغاية . أن الخصية غير بقية أعضاء الجسم . حيث أن نقل كلية أو قلب أو كبد أو جزء من العين مسألة مختلفة الغرض منها تحسين نوعية حياة المريض ولن يتبعها أية مسئوليات أو إختلاط فى الأنساب أو فى نظام الإرث . بينما كل هذه الأمور تتجلى تماماً فى فكرة نقل خصية رجل إلى آخر عقيم ، فمن المعلوم أن الخصية هى المعمل الذى تخلق فيه الحيوانات المنوية . وكل حيوان منوى يحمل فى أجزاء دقيقة منه الصفات الوراثية لصاحبه . أى أن نقل المريض (أ) خصيته للمريض (ب) سوف يكون أبناء وبنات المريض (ب) تحمل صفات المريض (أ) جزئياً أى الطول ولون الشعر والعينين ، والأمراض الوراثية المعروفة .. الخ . الخ .. مما يعنى أن الطفل المولود للمريض (ب) هو عبارة عن الصفات الوراثية للمريض (أ) بالإضافة إلى الصفات الوراثية لزوجة المريض 0ب) وهو فى نظرى تماماً فى نفس الحالة الواضحة والتى يمنع فيها تخصيب المرأة بحقنها بحيوانات منوية لغير زوجها كما حرمها المجمع الفقهى حيث أنها أقرب إلى الزنى منها إلى المعالجة الطبية ، ولا يخفى عليكم أن نقل الخصية إلى الشخص العقيم وإنزال الحيوانات المنوية لا يعنى أنها تخصه حيث أن السائل المننوى الذى ينتج بخصية الشخص العقيم ما هو إلا وسيلة لنقل الحيوانات المنوية عن طريق الجهاز التناسلى الخارجى للمريض لخارج الجسم . حيث أن الحيوانات المنوية ستكون ما زالت تخص الشخص الذى أخذت الخصية منه وليس للشخص الذى أعطيت له وهنا نشبهها بمن يشترى مصنعاً بأكمله لنفترض أنه لصنع الحلوى من بريطانيا وشحنه لتركيبه بالمملكة . ان تركيب المصنع محلياً وإيصاله بالكهرباء والماء والمجارى لن يؤدى أن يكون انتاج هذا المصنع يتغير مثلاً إلى كفرات السيارات بل سيبقى منتجاً لنفس نوعية انتاجه الأولى . كذلك ان نقل الخصية للشخص العقيم وتوصيلها بالدم الذى يمثل الماء فى المثل الأول والكهرباء ويمثل الأعصاب والمجارى ويمثلها الأوردة لن يؤدى إلى تغيير فى نوعية الحيوانات المنوية . وأنا أرى تفسيرها دينياً مثل أن نعطى الزوج حيوانات منوية لرجل آخر والطلب منه أن يحقنها فى زوجته بنفسه بدل الطبيب ؟؟؟ .. وهذا لا يحللها والله أبداً .. ثم أن الشخص المعطى فى نظرى حتى لو كان أخا للعقيم مساءلته هنا مثل الزانى ، وربما أن وضع التوأمين المتشابهين فى هذه الحالة مختلف والله أعلم . ثم أن معطى الحيوانات المنوية يجب أن يسأل فى حالة نظام الارث لو أبيحت هذه الطريقة لأن الطفل المولود مثل ابنه أو ابنته فهو يحصل نصف صفاته الوراثية منه . وهناك الحالة التى أباحها المجمع الفقهى أولاً ثم عدل عن رأيه وهى فى حالة منح إحدى الزوجتين بويضتها إلى الزوجة العاقر لنفس الزوج . ورغم أن الوضع يختلف جزئياً هنا فالطفل فى هذه الحالات أبوه واحد إلا أن التشريع إعتبر أن المرأة المعطية للبويضة هى الأم الفعلية والتى كذلك تورث بينما الأم الحاملة للبويضة هى فى مقام المرضع .
وتحققت توقعات الشيخ القرضاوى والبروفيسور زوانج
احذروا أخذ الدواء من غير صيدلية الاسلام
** قبل 4 سنوات من اليوم وبالتحديد فى أخر ديسمبر عام 1984 طالب الشيخ/ يوسف القرضاوى عميد كلية الشريعة بقطر بأن تجيب المجامع الفقهية على عدة أسئلة يحتاجها أهل الطب من بينها مسألة تحسين النوعية عن طريق نقل الأنسجة . قال الدكتور/ القرضاوى : تعتبر زراعة الأعضاء من الحقول التى يتطور فيها الطب سريعاً ، وهذا يتضمن زراعة العضو كله أو أجزاء منه ، أو زراعة أنسجة من الحيوانات أو مخلوقات أخرى ومن ثم زرعها فى جسم المريض ..
** وفيما تيعلق بالبشر فإن الأحياء منهم يمكن أن يعطوا بعض الأعضاء مثل كلية واحدة ، أو الجلد ، أو الدم دون أن يؤذوا أنفسهم ويمكن نزع بعض الأعضاء من الأموات مثل القرنية ، الجلد ، القلب ، الكليتين ، العظام ، صمامات القلب ، والقرنيات ..
** ويمكن أن يكون الغرض من زرع الأعضاء هو إنقاذ حياة أوتحسين نوعية الحياة ، مثل شفاء أنسجة أو تحسين نوعية الحياة ، مثل شفاء أنسجة العظام الصلبة ، أو تمكين الانسان من النظر، أو أن يتمكن من الأكل والشرب بشكل أفضل بواسطة زرع الكلية .
** وهنا كما يقول الدكتور/ القرضاوى تثور عدة أسئلة منها :
- هل يجوز زرع أعضاء الحيوان أو أجزاء منها فى الإنسان لإنقاذ الحياة أو تحسين نوعيتها حتى ولو كان الحيوان خنزيراً أو جلد خنزير أو كبد خنزير أو صمامات قلب خنزير ؟
- هل يجوز للمسلم الموافقة على نزع أعضاء من جسمه وهو حى لاستعمالها فى الزراعة لمصلحة طفلته أو أحد أبويه أو أخوته ؟
- هل يجوز للمسلمين أن يتبرعوا بأجسامهم بعد الموت لاستعمالها فى التشريح لتعليم الاخرين وبهذا يفيدون الانسانية ؟
- هل يجوز زرع أعضاء من غير المسلمين للمسلمين ؟ وهل يجوز نقل الدم من غير المسلمين للمسلمين ؟
- وفى نهاية الأسئلة طالب الدكتور / القرضاوى باجتهاد جديد فى هذه الموضوعات التى يثيرها الطب الحديث ..
** وإذا كان بعض هذه الأسئلة قد تم الإجابة عنه من قبل المجامع الفقهية فان بعضها الآخر ومنها موضوع هذا التحقيق بحاجة إلى إجابة .
** ويشير الدكتور/ القرضاوى إلى قاعدة مهمة وهى تغير الفتوى بتغير الزمان والمكان والإنسان ويقول : ليس صحيحاً ان الأول لم يترك للآخر شيئاً بل الصحيح ما قاله أهل التحقيق كم ترك الأول للآخر ؟! بل كم فاق الأواخر الأوائل ؟!
** ويتفق الشيخ / القرضاوى مع الشيخ/ سيد سابق فى أهمية أن يكون الاجتهاد فى عصرنا اجتهاداً جماعياً فى صورة مجمع علمى يضم الكفايات الفقهية العالية .. ويقول : أن الاجتهاد الذى ننشده وندعو إليه بقيوده وشروطه الشرعية يمثل حاجة بل ضرورة لحياتنا الاسلامية ، وعلاج مشكلاتنا المعاصرة وإلا أصيبت حياتنا بالجمود والعفن أو بحثت لأدوائها – فى الغالب – عن علاج من غير صيدلية الإسلام ..
** وها هى توقعات الشيخ / القرضاوى تتحقق مثلما تحققت توقعات البروفيسور الصينى الدكتور تشن زوانج وأى أحد رواد الجراحة المجهرية وأول من جرى بنجاح إعادة زرع يد مقطوعة فى عام 19663م .
** فقد كتب فى مقدمة كتابه عن الجراحة المجهرية يقول : انه بمجرد أن يتم التوصل إلى حلول عملية لمسكلة رفض الجسم والتغلب على عقبات المناعة سوف يصبح للجراحة المجهرية دور رائد وكبير فى مجال نقل الأعضاء ، وسوف يكون الجراحون حينئذ وبإستخدام الميكروسكوب الجراحى قادرين على تغيير أى عضو مريض بالجسم مهما صغر حجمه أو تعويض أى جزء ناقص فيه بصورة تسبه إلى حد كبير تغيير واستبدال قطع الغيار للسيارات والماكينات .
نــداء من طبيب مسلم إلى أهل الفتوى :
العملية لا تحتاج إلى مهارة .. فهل نبدأ ؟
** أنا الدكتور/ صبحى هويدى إستشارى الجراحة المجهرية بمستشفى الدكتور/ سليمان فقيه بجدة وعشرات من الأطباء المسلمين غيرى بحاجة ملحة إلى توضيح الرأى النهائى والشرعى فى مسألة نقل الأعضاء الخاصة بتحسين النوعية والحياة !
** إننا كأطباء مسلمون مطالبون فىالمقام الأول بأن نأخذ بأسباب العلم والتقدم أينما كان على أن ننتقى فى النهاية ما يتمشى تماماً مع مبادئ ديننا الحنيف وما تيفق نصاً وروحاً مع أسس شريعتنا الإسلامية .
** وهذه شهادتى الطبية فى مسألة نقل أعضاء التناسل "الخصية أو المبيض" : ان العملية كما ذكرت سهلة وميسورة ولا تحتاج إلى امكانيات ومهارات خارقة .. إلا أنها تثير الكثير من الجدل الأخلاقى والمهنى ، فالخصية أو المبيض المنقول سوف يحتفظ بالخلايا الأم التى سوف تنقسم بعد ذلك لتنتج الحيوان المنوى أو البويضة والتى تحتفظ بنفس تركيبة الكروموسومات والصفات الوراثية فى الإنسان المتبرع .
** ومهما طالت فترة بقاء العضو المنقول فى جسد المستقبل فلن تتغير تلك الصفات الوراثية حيث أنها ثابتة بثبوت الخلية المنتجة للنطفة وليس لها علاقة بتغيير مصدر الدورة الدموية من فرد إلى آخر.
** وبالنسبة لنقل الأنسجة "السوماتك" باستخدام الميكرسكوب الجراحى أحب أن أقول لكم أنه لم يعد هناك ما يسمى المستحيل جراحيا إذ يمكن الآن نقل أى جزء من الجسم طالما أن له شرياناً يغذيه ووريد يتلقى الدم منه إلى أى جسد آخر .. ومن ثم فعمليات نقل المفاصل ، العضلات ، الأطراف ، من فرد لآخر لا تمثل أى مشكلة جراحية من حيث إمكانية التنفيذ ، بل أنها أسهل بكثير من إعادة زرع أصبع تم بتره والتى تجرى الآن بصورة روتينية .. اننى أتوقع أن تمتلىء المستشفيات والمراكز الطبية بعد سنوات بعشرات الآلاف من المصابين وأصحاب العاهات الذين عانوا سنين طويلة من فقد جزء عزيز من جسدهم راغبين العلاج الجراحى بنق نفس الجزء من انسان آخر ليستعيدوا بذلك سعادتهم وحياتهم بصورة عادية .
** وسوف يطالبنا مريض العقم بأن نبذل كل ما فى وسعنا لنحقق له أغلى أمنية فى حياته حتى ولو تطلب ذلك نقل خصية أو مبيض إليه .. وسوف يسأل السؤال الذى سمعته اليوم وسمعه معى الأخ شريف قنديل المحرر بجريدة "المسلمون: .. ما ذنبى أن أحرم من نعمة الأبوة لسبب لا دخل لى فيه طالما أن إمكانية العلاج موجودة ؟ وسوف أجيب عليه بمثل ما أجيب اليوم إنه إذا كان العلاج ممكناً طبياً فنحن كأطباء مسلمون ملتزمون بما يقره الشرع الإسلامى فقط دون غيره من شرائع الدنيا .. وأملى كبير فى أن يجد هذا النداء وهذه الأسئلة صدى وإجابة شافية وشكرا . ابنكـم
|